السبت، أغسطس 28، 2010

ثقافة الرسول صلى الله عليه وسلم

بسم الله الرحمن الرحيم

ثقافة الرسول

حين تبحث عن التعريف المتفق عليه للثقافة ستجد نفسك أمام إدوارد تايلور وكتابه الثقافة البدائية primitive culture لأن معظم الباحثين إتفقوا على كون تعريفه هو الأدق، لأن فهم الثقافة ومدلولاتها متباينة جدا ويتفق عليها الكثير حتى وإن إختلفوا في فهمها، بالنسبة لي كان إدوارد تيلور مرحلة إنتقاليه من الفهم الخاطئ المستقى من كتابنا ومفكرينا ومناهجنا إلى فلسفة إسمها الثقافة وكلما تعمقت أكثر وتعرضت لتعريف تايلور وفهمه للثقافة وجدت أن كل الدلالات وكل المعاني تقودني إلى شعاع واحد

إلى نموذج واحد

إلى فهم واحد

إلى طريق واحد

إلى محمد صلى الله عليه وسلم

وحتى تعريفات تايلور لم تصل إلى الحد الأدنى من المعنى الحقيقي لما أراد تعريفه حين نقف أمام الرسول صلى الله عليه وسلم

ولا أشك أن العديد من العلماء والباحثين من غير المسلمين بل ومن المسلمين لم يحللوا أو أنهم لم يطلعوا على جوانب حياة الرسول وقد يكون السبب منا وليس منهم في تقديم منهج علمي مرتبط بالعلوم الحديثة عما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم

وحتى لا يؤخذ كلامي في غير محله فالقصد هنا هو تقديم ودراسة مناهج الرسول عليه الصلاة والسلام في كافة الجوانب لأنها نظام حياة ونظام مجتمع ونظام قيادة ونظام إقتصاد وهكذا، فأين ما قرأت وعرفت عن الرسول فإنها إضاءة لعلم قائم أو مستقبلي.

بالنسبة لنا كمسلمين كل ما أتى من الرسول هو إيمان مطلق وحبنا مطلق : بأبي أنت وأمي يارسول الله ، أما بالنسبة لغير المسلمين فهي مسألة قناعات أو فكر أو علم ، فكما هدانا الله لدينه ولرسوله أرجو الله أن تكون سيرته عليه الصلاة والسلام منارا وهديا لغير المسلمين وهي كذلك لمن أراد الحق وبحث عن الحقيقة.

كنت ولا زلت أتوقف كثيرا عند تفسير بعض الآيات ومدلولاتها عند بعض علماء التفسير إلا أن التركيز على بعض المدلولات الغير مباشرة في بعض الآيات أجدها قاصرة ومنها قوله تعالي" وإنك لعلى خلق عظيم"

ونقرأ أن التفاسير والعلماء أجمعوا على تفسيرها ومدلولاتها المباشرة إلا التركيز على المدلول غير المباشر أو بالأصح التحليل الشامل للآية منقوصا إلى حد ما والقول هنا هو ليست شهادة الله لنبيه عليه الصلاة والسلام فقط بل إن العظمة في قوله تعالي " عظيم " ووصف الرسول بها ، بل أن العظمة في كلمة عظيم هو كونها أتت من الله ، فوصف أحد أو شئ بالعظيم مرتبط بالقائل أكثر من الموصوف فحين يقول الصغير مثلا ذاك نهر عظيم فقد يكون المقصود ساقية صغيره وهكذا ، وحين يأتي وصف خلق الرسول بالعظيم من الله خالق السموات والأرض وخالق كل شئ فإن هذه العظمة أو عظم هذا الخلق الموصوف تفوق قدرات البشر على إستيعابه وهذي حال اخلاق الرسول كونها عظيمة كما قال تعالي والسؤال هنا حول قدرتنا على فهم ومعرفة هذه الأخلاق.

بمعنى آخر كيف لنا أن نستوعب أخلاق الرسول وكيف نقدمها ونحن بعيدون عن إستيعابها وهنا أقول لباحثينا في الإجتماع والفكر قدموا لنا أخلاقه وحللولها لنا علنا أن ندرك منها الحد الأدنى وهو كقيل بأن يغير خارطة الزمان وتاريخ البشرية في وقت بدأت المجتمعات فيه بالتحلل وأصبحت الأخلاق في قائمة الأولويات.

وذكرت هذه الآية كون أن الأخلاق أحد مقومات الثقافة لدى تايلور على الرغم أن تايلور نفسه وقف عاجزا عن تحليل الأخلاق نظرا لإختلاف مفهومها بإختلاف المجتمعات والجماعات داخل كل مجتمع.

ولكي نعقد الأمور قليلا إن نظرنا للأخلاق أنها الفضيلة أو التمام في السلوكيات والأقوال أو إعتماد هذه السلوكيات أو الأقوال على مجموعة من القيم فإنا بذلك نعود حيث كنا في تعريف الثقافة أو تحليلها

يقول تايلور في تعريفه

"الثقافة هي ذلك الكل الديناميكي المعقد الذي يشتمل على المعارف والفنون والمعتقدات

والقوانين والأخلاق والتقاليد والفلسفة والأديان وبقية المواهب والعادات التي إكتسبها الإنسان من مجتمعه بوصفه عضوا فيه"

وأرى أن تايلور أغفل بشكل واضح المقومات السياسية والإقتصادية وكونها جزءا من تعريف الثقافة، وسواء أتفقنا عليها أم لا ، فالرابط الوحيد في ما ذهب إليه تايلور في تعريفه أو لم يستطع تعريفه ، كأني به يبحث عنه من خلال تقديمه أكثر من مئتي تعريف للثقافة هو ( القيم ) فكل المصطلحات أو الكلمات التي عرف بها الثقافة إما أنها قيمة بذاتها أو أنها تعتمد على القيم فالمعرفة مثلا هي قيمة أو أنها مجموعة قيم ، والتقاليد قائمة على القيم كذلك الفنون والمعتقدات والقوانين ... الخ.

ولما كانت القيم أو القيمه ( the value ) هي عناصر تحديد الثقافة وتمام القيمه وتمام كافة القيم يعني الثقافة التامه أو الثقافة النموذجيه ( the ideal culture ) هنا أقول أين قيم الإنسانية كلها من قيم محمد صلى الله وسلم ؟

إبحثوا عن كل القيم الإنسانيه ، ستجدونها في المصطفى عليه الصلاة والسلام

إبحثوا عن كل التمام في القيم ستجدونه في المصطفى صلى الله عليه وسلم

وأعود لتعريف تايلور ، فإن تمام المعارف كان محمدا صلى الله عليه وسلم

والقوانين كذلك كان مناراها الرسول صلى الله عليه وسلم ( لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها )

أما الأخلاق فإن خلقه عظيم بشهادة ربه سبحانه وتعالي وكما ذكرنا فإن العظمة هنا وصف من الله وجلال قدره والعظمة التي قالها لا تقارن بما نعرف أو نفهم من وصف الإنسان للعظمه فالوصف يعرف قدره وقيمته من الواصف أكثر من الموصوف

والتقاليد والفلسفه كان محمدا صلى الله عليه وسلم هديا للعالم فيها، فما عرف عنه قبل وبعد البعثة شهد له أعدائه قبل أصحابه وأتباعه عليه الصلاة والسلام وما شهدت البشريه فيلسوفا أعظم من محمد عليه الصلاة والسلام، إلا أن العلامة الفارقه والإختلاف في التعريف هو قوله - تايلور- " التي إكتسبها الإنسان بوصفه عضوا فيه " إنتهى .، حيث أن المجتمع في ذاك الوقت وحتى الآن قد إكتسبت من محمد صلى الله عليه وسلم وليس ما قاله أو رآه تايلور، بمعنى آخر أن محمدا صلى الله عليه وسلم هو المؤثر في المجتعات كافة وهو الذي غيرت دعوته موازين وثقافة الأمم إلى يوم الدين وكيفية ذلك التغيير هو أنه أرسى وعلم وكان النموذج لكل القيم البشرية، وهذا مايكل هارت يضع الرسول في المرتبة الأولى لعظماء التاريخ بعد أكثر من 14 قرنا .

ولم أعرج على مصطلح الفنون في تعريف تايلور كون الفنون مسألة عامة مرتبطة ببعض شرائح المجتمع أضافة إلى إختلاف مكونات الفنون وتغيرها سواء من حيث المضمون أو الإطار العام على مدى التاريخ إضافة إلى أن الفنون معظمها أو بعضها مرتبطة بالمهارات أو القدرات ولا تعتمد أساسا على أي من القيم وقد ترتبط بشريحة أو جماعة في المجتمع.

بأبي أنت وأمي يارسول الله

يامن كان التمام صفة لصفاته ، أي صفات أذكر وأي خصال أذكر وأي خلق أذكر

وصدق الله العظيم القائل " وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ "

من هنا أقول أن قيم الرسول عليه الصلاة والسلام والتي أرساها ليس بقوله فقط بل بفعله هي الأسس لثقافة المجتمعات الإسلاميه والسؤال هنا أين نحن من ثقافة المصطفى عليه الصلاة والسلام؟

ليست هناك تعليقات: